للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شعب حاله، وأقدره الله على غرائب المأكولات، وأظفره ببدائع الطيّبات، آخذا من كل ذلك بنصيب الشريك المناصف، وضاربا فيه بسهم الخليط المفاوض، ومستعملا للمدخل اللطيف عليه، والمتولّج العجيب إليه، والأسباب التي ستشرح في مواضعها من هذا الكتاب، وتستوفى الدلالة على ما فيها من رشاد وصواب، وبالله التوفيق، وعليه التعويل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

أمره بتقوى الله التي هي الجانب العزيز، والحرز الحريز، والركن المنيع، والطود الرفيع، والعصمة الكالئة، والجنّة الواقية، والزاد النافع، يوم المعاد، حين لا ينفع إلّا مثله من الأزواد، وأن يستشعر خيفته، في سرّه وجهره، ومراقبته في قوله وفعله، ويجعل رضاه مطلبه، وثوابه ملبسه، والقرب منه أربه، والزلفى لديه غرضه، ولا يخالفه في مسعاة قدم، ولا يتعرض عنده لعاقبة ندم.

وأمره بأن يتأمّل اسم التطفيل ومعناه، ويعرف مغزاه ومنحاه، ويتصفّحه تصفّح الباحث عن حظّه بمجهوده، غير القائل فيه بتسليمه وتقليده، فإنّ.

كثيرا من الناس قد استقبحه ممّن فعله، وكرهه لمن استعمله، ونسبه فيه إلى الشره والنهم، فمنهم من غلط في استدلاله، فأساء في مقاله، ومنهم من شحّ على ماله، فدافع عنه باحتياله، وكلا الفريقين مذموم، لا يتعرّيان من لباس فاضح، ومنهم الطائفة التي لا ترى شركة العنان، فهي تبذله إذا كان لها، وتتدلّى عليه إذا كان لغيرها، وترى أنّ المنّة من المطعم، للهاجم الآكل، وفي المشرب، للوارد الواغل، وهي أحقّ بالحرية، وأخلق بالخيرية، وأحرى بالمروءة، وأولى بالفتوّة.

وقد عرفت بالتطفيل، ولا عار فيه، عند ذوي التحصيل، لأنه مشتقّ من الطّفل، وهو وقت المساء، وأوان العشاء، وإن كثر استعماله في صدر