للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٠٦ حماقة متمكنة ورقاعة متبينة]

كان أبو العباس سهل بن بشر «١» ، ممّن ارتفعت في الدولة الديلمية رتبته، وعلت درجته ومنزلته، وضمن واسط والأهواز، على حماقة متمكّنة، ورقاعة متبيّنة.

وكان دأبه تغليط الكتاب، والرد عليهم، وتغيير كتبهم التي ينشؤونها عنه، وعكس حسباناتهم التي يرفعونها إليه، ويعرضونها عليه، بالمحال الفاسد، والمستحيل الباطل.

ولقد قال يوما لأحدهم: ويلك، لم يجب أن تفصّل في هذا الموضع، هذا التفصيل الواسع، كان يجب أن يكون بقدر ما تسلكه نملة، وقد جعلته بحيث تسلكه حيّة، أيش حية بل شاة، أيش شاة بل دابة، أيش دابة، بل جمل، أيش جمل بل فيل، أيش فيل بل كركدن، ثم خرّق الكتاب، ورمى به.

وحكى القاضي أبو علي التنوخي، قال: رأيته عدّة دفعات، لا أحصيها كثرة، يجلس في مجلس العمل، فإذا كثر عليه الشغل، وضاق به صدره، وغلبت عليه سوداؤه، تركه مفكّرا، ثم أخذ الدرج الذي بين يديه، وخرّق منه، وفتله، وتخلّل به، وأخرجه من فيه، وشمّه، ثم رمى به حيث وقع من حجور الناس، أو وجوههم، أو لحاهم، أو عمائمهم.

فاتّفق في بعض الأيام، أن وقع من ذلك واحدة في لحية أحمد بن عمر الطالقاني الكاتب، فصوّت من فيه، كصوت البوق.