للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خرساء، زمنة «١» ، قد رأت ما صنع الأفعى.

ووافى الملك من الصيد في آخر النهار، فقال: يا غلمان، أوّل ما تقدمون إليّ الثريدة.

فلما قدموها بين يديه، أومأت الخرساء إليهم، فلم يفهموا ما تقول، ونبح الكلب وصاح، فلم يلتفتوا إليه، وألحّ في الصياح ليعلمهم مراده فيه.

ثم رمى إليه بما كان يرمي إليه في كل يوم، فلم يقربه، ولجّ في الصياح.

فقال لغلمانه: نحّوه عنّا، فإن له قصّة، ومد يده إلى اللبن.

فلما رآه الكلب، يريد أن يأكل، وثب إلى وسط المائدة، وأدخل فمه في اللبن، وكرع «٢» منه، فسقط ميتا، وتناثر لحمه.

وبقي الملك متعجّبا منه ومن فعله، فأومأت الخرساء إليهم، فعرفوا مرادها، وما صنع الكلب.

فقال الملك لندمائه وحاشيته: إنّ كلبا قد فداني بنفسه، لحقيق بالمكافأة، وما يحمله ويدفنه غيري، ودفنه بين أبيه وأمه، وبنى عليه قبّة، وكتب عليها ما قرأت، وهذا ما كان من خبره «٣» .

فضل الكلاب على من لبس الثياب ١٦