للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذين يتعلّمون منه العلم طول السنة، فيكون ما يلزم الواحد، على الواحد منهم، شيئا يسيرا لا يبلغ خمس ما أسقطه عنه من الخراج بجاهه.

ويعود هو فيخرج من ضيعته العشر الصحيح، فيتصدّق به على الفقراء من أهل الحوز «١» ، قريته التي هو مقيم فيها، وعلى أهل محلّته، وكان هذا دأبه في كلّ سنة.

فنزل عليّ في بعض قدماته، فبلغت له مراده في أمر الخراج، وجلسنا ليلة نتحدّث.

فقلت له: يا أبا عليّ أتخاف عليّ مما أنا فيه شيئا؟

فقال: يا أبا القاسم، وكيف لا أخاف عليك، والله، لئن متّ على هذه الحال، لا رحت «٢» رائحة الجنّة.

فقلت: ولم؟ ولأيّ شيء؟ وإنّما أنا أعمل الحساب، وأجري مجرى ناسخ، وآخذ أجري من بيت المال، أو يجيئني رجل مظلوم، قد لزمته زيادة باطلة في خراجه، فأسقطها عنه، وأصلحها له في الحساب، فيهدي إليّ بطيب قلبه، أو أرتفق من مال السلطان بشيء، ولي في فيء المسلمين قسط يكون هذا بإزائه.

فقال: يا أبا القاسم، إنّ الله لا يخادع، أخبرني، ألست أنت تختار المسّاح، وتنفذهم إلى المساحة، وتوصيهم بالتقصّي، فيخرجون، فيزيدون بالقلم واحدا أو اثنين في العشرة، ويجونك «٣» بالتزاوير، فتسقطها أنت، وتعمل الجرائد، وتسلّمها إلى المستخرج، وتقول له: أريد أن يصحّ المال في