للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما عرف أبوه الخبر، أنكر ذلك، وحلف للواثق، أنّه ما أمر محمدا، إلّا أن يضربه أربع مقارع، فأخفاها في نفسه، فكان يبغضه.

وعلم محمد بذلك، فكان يقصده في ضياعه وأملاكه، لما ترعرع، وصار أميرا.

فوقّع المعتصم يوما، أن يقطع الواثق، ما ارتفاعه «١» ألف ألف درهم، فمحاها محمد، وكتب: ما قيمته ألف ألف درهم.

فلما دخل إليه الخادم، وعرّفه ما عمله محمد، وثب إلى أبيه، وعرّفه ذلك، وعرض التوقيع عليه.

فقال له المعتصم: ما أغيّر ما وقّعت به، وما أرى في التوقيع إصلاحا، وكان محمد قد أجاد محوه.

وعلم المعتصم، أنّ رأي محمد في الاقتصاد، أصلح، فبطل ما كان يريده الواثق، وانصرف.

فقال للخادم: قد تمّ علي من هذا الكلب، كل مكروه، فإن أفضت الخلافة إليّ، فقتلني الله، إن لم أقتله.

ثم قال له: أنت خادمي، وثقتي، فإن أفضى هذا الأمر إليّ، فاقتله ساعة أخاطب بالخلافة، ولا تشاورني، وجئني برأسه.

قال: فمضت الأيام، وتقلّد الواثق، فحضر الدار في أوّل يوم، محمد ابن عبد الملك [٥] ، مع الكتّاب.

فتقدّم الواثق إلى الكتّاب دونه، بأن يكتب كلّ منهم نسخة، بخبر وفاة المعتصم، وتقلّده الخلافة، فكتبوا بأسرهم، وعرضوا ذلك عليه، فلم يرضه.