للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأيست من خيره، واتفق له بعد ذلك، خروج عن مدينة السلام، فتعاللت عليه، ولم أتبعه، ولزمت الديوان، وتعلّمت، فصرت كاتب مجلس في ديوان الرشبد «١» ، وكان ذلك أوّل إقبالي [١٥] ، وتخرّجت، وزادت حالي مع الأيّام.

فلما ولي المأمون، وعظّم من أمر المعتصم، كان المعتصم شديد المحبّة للصيد، وكنت في فتنة محمد المخلوع، قد صرفت ما كنت جمعته في ضياع وبساتين بالبردان «٢» وصاهرت بعض تنّائها، واجتمعت لي حال، فلما انجلت الفتنة، كنت من وجوه البردان.

فاجتاز بها المعتصم، منصرفا من صيده، متسرّعا، وليس معه من أصحابه كبير أحد.

فاجتاز في الطريق، وأنا واقف على بابي، فتوسّمت فيه الجلالة، وقدّرته أحد وجوه القوّاد.

كان لي وعد على عامل البلد، أن يكون ذلك اليوم في دعوتي، وقد أعددت له طعاما، وفيه جداء، وحلوى، وفاكهة كثيرة، وثلج استدعيته من بغداد، وكان قبل ذلك بساعة، قد جاءني خبر العامل، أنّه عرض له مهمّ في السواد، فخرج لوقته.

فلما رأيت المعتصم، وتوسّمت فيه الجلالة، قلت: لم لا أحلف على هذا القائد، وأضيفه عندي على هذا الطعام المعدّ؟

قال: فكلّمته، وسألته النزول عندي.

فأجاب، ونزل، وأكل، وشرب، وأنفذت في الحال، فاستدعيت له