للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان سليمان محنكا، مجرّبا، فأعاد الجواب على الرسالة، بأنّي إن كنت موثوقا بي، فلا تحتاج إلى ضماني، لأنّي أنصح وأستقصي على كل من يجب عليه حق للأمير، إن أعادني إلى خدمته.

ودافع عن كتابة الرقعة، وعلم أنّها حيلة عليه، لا متناعي عن مكروهه، حتى يجعل الرقعة حجّة عليه عندي.

فأنفذ الموفّق، إلى عبيد الله، مثل هذه الرسالة، واستكتمه ذلك عن أبيه، فكتب عبيد الله، رقعة طويلة، يسعى عليّ فيها، أقبح سعاية، ويضمني بمال جليل، ويثلبني، وينكّل بي.

فلما وصلت إلى الموفّق، احتفظ بها، وغدوت عليه، فخاطبني في تسلّمهم، ومطالبتهم، فاستعفيت، وأقمت على الامتناع.

فقال: اقرأ هذه الرقعة، فلما قرأتها، ولم يكن عندي- إذ ذاك- علم كيف جرت الصورة، وإنّما [٣٨] انكشفت لي بعد ذلك المجلس، قامت قيامتي، وخفت على نفسي، من معاجلة الموفّق، متى لم أعاجلهم، ولم أشكّ أنّ ذلك القول صحيح من عبيد الله، وأنّ الموفق قد أنعم عليّ بإطلاعي عليه.

فاستجبت إلى تسلّمهم، وناظرتهم، وألزمتهم الأموال العظيمة، واستمرّت النكبة عليهم «١» .