للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويسأله أن يصلّي على محمد عبده ورسوله، صلّى الله عليه وسلّم تسليما كثيرا.

أمّا بعد، فإنّ الله تعالى بعظيم آلائه، وقديم نعمائه، وجميل بلائه، وجزيل عطائه، جعل أموال الفيء للدين قواما، وللحقّ نظاما، وللعزّ تماما، فأوجب للأئمة حمايتها، وحرّم عليهم إضاعتها، إذ كان ما يجتبي منها، عائدا بصلاح العباد، وحراسة البلاد، وحماية البريّة، وحياطة الحوزة والرعية، ولذلك، يعمل أمير المؤمنين، فكره ورويّته، ويستفرغ وسعه وطاقته، في حراستها وحياطتها، وقبض كل يد عن تحيّفها وتنقّصها، والله وليّ معونته، على جميل نيّته، وحسن طويّته، بمنّه ورحمته.

ولما فتح الله عزّ وجلّ، كور فارس على المسلمين، وأزال عنها أيدي المتغلّبين، وجد أمير المؤمنين أهلها، قد احتالوا في إسقاط خراج الشجر بأسره، مع كثرته وجلالة قدره، فأمر بإشخاص وجوههم إلى حضرته، واتّصلت المناظرة لهم بمشهد من قضاته وخاصّته، إلى أن اعترفوا به مذعنين، والتزموه طائعين، وضمنوا أداء ما أوجبه الله تعالى فيه من حقوقه، على ما تقرّر معهم من وضائعه وطسوقه، فطالب بخراج الشجر، في سائر الكور، على استقبال سنة ثلاث وثلاثمائة، فاستخرجه، واستوف جميعه واستنظفه، واكتب بما يرتفع من مساحته، ويتحصّل من مبلغ جبايته، متحرّيا للحقّ، متوخّيا للرفق، إن شاء الله.

والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

وكتب عليّ بن عيسى، يوم الاثنين لعشر ليال خلون من شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة.