للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: فقمت، فكتبت له بما أملاه، وعدت، فعرّفته إزاحتي علّته «١» فيما طلبه، فجعل يبكي بكاء شديدا.

فسألت غلمانه: هل ورد بعدي شيء يكرهه.

فقالوا: لا.

فقلت: يا سيدي، ما هذا البكاء؟ وكنت آنسا به.

فقال: إنّ هذا الرجل لقيني منذ أكثر من سنة، وذكر أنّه من بني البختكاني «٢» وذكر كبر نعمته- وأنا بهم عارف-، ووصف أنّ العمال يتحيّفونه، ويستضعفونه، وسألني أن أوقع اسمي على ضيعته، وأظهر أنّي قد استأجرتها منه، وأكاتب العمّال، ووكلائي بذلك، وأن تقرّ يده فيها، إذ كنت قد وثقت به على ذلك، وبذل لي النصف من ارتفاعه، بعد المؤونة، حلالا.

فوافقته على ذلك، وكتبت له بما أراد، ومضى.

ولم تبتغ نفسي الاستقصاء عليه، ولا الاستظهار، ولا مضايقته، وقلت لعلّه أراد الانتفاع بجاهي، فلا أحرمه إيّاه، فإن وفى، وإلّا كان ذلك من زكاة الجاه.

ثم أنسيت أمره، فما ذكرته حتى رأيته الساعة، فأعلمني أنّه يتردد منذ مدة إلى الباب، فلا يصل، وأعلمني أنّه قد حصل لي من ذلك، مائتا ألف درهم، وأوقفني على حساب رفعه، واستأذني في تسليم المال.