للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فلما رآني الحاجب، أمر فرفع لي الستر، فدخلت إليه، وهو يتبخّر وعليه سواده، يريد الركوب إلى المقتدر، وليس بين يديه أحد.

فطاولني في الحديث، إلى أن فرغ، وشدّ سيفه ومنطقته، وخرج، وأنا خلفه.

فتلقّاه الناس بالسلام، وتقبيل اليد، فخرجوا خلفه، فاختلطت بهم.

فإذا بإنسان يجذب طيلساني، فالتفتّ، فإذا هو فلان، شيخ من شيوخ الكتّاب، أسماه أبو الحسين وأنسيته أنا، وذكر أنّه كان صديقا لأبي، ولأبيه من قبله.

فقال لي: يا أبا الحسين، فداك عمّك، في بيتك خمسون ألف دينار؟

فقلت: لا والله.

قال: فتقوى على خمسين ألف مقرعة وصفعة؟

قلت: لا والله [٨١ ب] .

قال: فلم تدخل إلى الوزير، وفلان، وفلان- وعدّد من حضر- محجوبون، يتمنّون الوصول، ولا يقدرون، ثم لا ترضى، حتى تطيل عنده، وتخرج في يوم موكب، وراءه، وليس معه غيرك، ولا خمسون ألف دينار معدّة عندك، تؤدّيها إذا نكب هذا، فأخذت بتبعة الاختصاص به، وأنت لا تقوى على ما يولّد هذا.

فقلت: يا عمّ لم أعلم، وأنا رجل فقيه، ومن أولاد التجّار، ولا عادة لي بخدمة هؤلاء.

فقال: يا بنيّ لا تعاود، فإن هذا يولّد لك اسما، ويجرّ عليك تبعة.

قال: فتجنّبت بعد ذلك الدخول إلى سليمان في أوقات مجالسه العامّة، وأيّام المواكب خاصّة.