للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: فاصعدي.

قالت: حتى تجيء محفّتي.

قال: فإذا بطيّار لطيف، قد جاء وفيه المحفّة، فأجلست فيها، وأصعد بها الخدم.

وتحدّثنا ساعة، ثم قدّم الطعام، فأكلنا، وأحضر النبيذ، فشربت، وسقيتها فشربت، وأمرت جواريها بالغناء، وكان معها منهنّ عدّة، محسنات، طيّاب، حذّاق، فتغنّين أحسن غناء وأطيبه، فطربت وسررت.

وقد كنت، قبل ذلك بأيّام، عملت شعرا، وأنا مولع في أكثر الأوقات بترديده، وإنشاده، وهو:

إن كان ليلك نوما لا انقضاء له ... فإن جفني لا يثنى لتغميض

كأنّ جنبي في الظلماء تقرضه ... على الحشيّة أطراف المقاريض

أستودع الله من لا أستطيع له ... شكوى المحبّة إلّا بالمعاريض

فقلت لها: يا ستّي، إنّي قد عملت أبياتا، أشتهي أن تصنعي فيها لحنا.

فقالت: يا أبا إسحاق مع التوبة؟

قلت لها: فاحتالي في ذلك كيف شئت.

فقالت: روّ هاتين الصبيّتين الشعر، وأومأت إلى بدعة وتحفة جاريتيها.

فحفّظتهما الشعر، وفكّرت ساعة، ووقّعت بالمروحة على الأرض، وزمزمت مع نفسها، ثم قالت لهما: أصلحا الوتر الفلاني على الطريقة الفلانيّة، [وأضربا بالإصبع الفلانية، وافعلا كذا وكذا، إلى أن فتح لهما