للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو رجل شديد الضنّ بصناعة الكتابة، غير مسامح لنفسه في العيب بها، وقد غلط غلطا قبيحا، لو غلط مثله صغير من الكتّاب لافتضح، وبطلت صناعته، وسقط محلّه، وذاك إنّه قد صدّر في أول المؤامرة بابا، ذكر فيه ما وصل من فضل الكيل في غلات عملك، وأنّك لم تورده، وألزمك مالا جليلا عنه، ثم ذكر بعد ذلك، أنّك اقتطعت من غلّات المقاسمة، أشياء أوردها، وذكر الحجج عليك فيها، وألزمك مالا جسيما، هو شطر مال المؤامرة.

وقد كان من قانون الحساب، ورسم الصناعة في مثل هذا، أن يبتدئ بما ثنّى به من الاقتطاع الواقع في أصول الغلّات، ثم يثنّي بذكر فضل الكبا.

فإمّا إذا صدّر فضل الكيل، فقد صحّح لك الأصول، فإيراده ما اقتطعته من الأصول، ناقض للفعل الأول، وهو خطأ قبيح في الكتبة، مسقط لمحلّ من يعمله.

وسبيلك أن تمضي إليه وتخلو به، وتقول: يا سيدي محلّك في هذه الصناعة، لا يقتضي ما قد عملته في هذه [١١٤ ط] المؤامرة، وقد أخطأت خطأ قبيحا، وهو كذا وكذا، وواقفه عليه.

وقل له: لا يخلو أمري معك من حالين:

إمّا كشفت خطأك للناس، ففضحتك في الصناعة بما تنكبني به من المال، وألزمت بعد ذلك ما يبقى في المؤامرة، وهو يسير.

وإمّا تفضلت بإبطال هذه المؤامرة، وأبطلت عنّي مالها، وسترت على نفسك خطأك، وارتفقت مني، مع هذا، بما شئت، وابذل له مرفقا جليلا «١» ، فإنّ حذره على صناعته، وحبّه للمرفق، سيحمله على