للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك وتمحق، وأحدّث الوزير أعزّه الله بحديث جرى منذ مدّة، يعلم معه صدق قولي.

فقال له ابن الفرات: ما هو؟

فقال: الناس يعلمون أنّي صنيعة أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون «١» ، وكان رجلا مستهترا بالجوهر «٢» ، يعتقده لنفسه، وأولاده، وجواريه.

فكنت جالسا يوما في داري، فجاءني بوّابي، فقال: بالباب امرأة تستأذن، في زيّ رثّ، فأذنت لها، فدخلت، فقالت لي: تخلي لي مجلسك، فأخليته.

فقالت لي: أنا فلانة، جارية أبي الجيش.

فحين قالت ذلك، ورأيت صورتها، عرفتها، وبكيت لما شاهدتها عليه، ودعوت غلماني ليحضروني ما أغيّر به حالها.

فقالت: لا تدع أحدا، فإنّي أظنّك دعوتهم لتغيير حالي، وأنا في غنية وكفاية، ولم أقصدك لذلك، ولكن لحاجة هي أهمّ من هذا.

فقلت: ما هي؟

فقالت: تعلم إنّ أبا الجيش، لم يكن يعتقد لنا إلّا الجوهر. فلما جرى علينا بعده من طلب السلطان، ما جرى، وتشتّتنا، وزال عنّا ما كنّا فيه، كان عندي جوهر قد سلّمه إليّ، ووهبه لي، ولابنته [١١٧ ط] منّي فلانة، وهي معي هاهنا.

فخشيت أن أظهره بمصر فيؤخذ مني، فتجهّزت للخروج، وخرجت