للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واصبحت بعد أيّام، وهي عندي، وليس معي ما أجذرها «١» به في يومي ذلك، وأنا قلق من انصرافها، ولا حيلة لي في إسلامها، حتى جاءني غلامي، فقال لي: إنّ صاحب جرزان على الباب.

فتثاقلت به، وقلت: لم يبق شيء أتوقّعه منه، وقد كتبت كتبه، وأنا متشاغل بحيلة ما أجذر هذه اليوم، فاحجبه عني.

قال: فخرج وعاد وقال: قد أعطاني عشرة دراهم، وسألني إيصاله إليك.

قال: فطمعت فيه، وقلت: إذا أعطى غلامي عشرة دراهم، فالأمر يحتمل أن يصل إليّ، هاته.

قال: فدخل، وأخرج الكتاب، وقال: يا سيّدي، كانت العادة، إذا عنون الكتاب إلى صاحبي، وقيل: لأبي فلان بن فلان، أن يقال بعد ذلك: ملك جرزان، ولم يقل هذا، وفيه عليه غضّ في عمله، فحلق «٢» ذلك.

قال: فقلت هذا لا يجوز إلّا بأمر من الوزير، وهذا أمر عظيم، وإذا قيل ذلك فكأنّما قد أزلنا ملك السلطان عن ذلك الصقع، وأخذت أهوّل الأمر، وأفخّمه، بقدر طاقتي.

فقال: يا سيّدي، لا زمان «٣» عليّ في مساءلة الوزير، لأنّي أريد الخروج اليوم مع القافلة، فخذ مني ما شئت، واكتب لي.

قال: فزاد طمعي فيه، وقلت: هذا أمر لا يمكن للوزير فعله، إلّا بأمر الخليفة.

قال: فما زلت معه في ألوان، إلى أن دفع لي في الحال، ثلاثمائة دينار عينا.