للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسلمت، وخرجت، واستدعيت سيفا ومنطقة أخرى، ولبستها وجئت حتى وقفت في مرتبتي ساعة. فتلف الواثق تلفا لم تشكّ جماعتنا فيه، فتقدّمت فشددت لحييه، وغمّضته، وسجّيته، ووجهته إلى القبلة، وجاء الفرّاشون، وأخذوا ما تحته في المجلس، ليردّوه إلى الخزانة، لأنّ جميعه مثبت عليهم، وترك وحده في البيت.

فقال لي ابن أبي دؤاد القاضي: إنّا نريد أن نتشاغل بعقد البيعة، ولا بدّ أن يكون أحدنا يحفظ الميت إلى أن يدفن، فأحبّ أن تكون أنت ذلك الرجل.

وقد كنت من أخصّهم به في حياته، وذلك أنّه اصطنعني، واختصّني، حتى لقّبني الواثقيّ، باسمه، فحزنت عليه حزنا شديدا، وقلت: دعوني، وامضوا.

فرددت باب المجلس، وجلست في الصحن، عند الباب أحفظه، وكان المجلس في بستان عظيم، أجربة، وهو بين بستانين.

فحسست بعد ساعة، في البيت، بحركة عظيمة أفزعتني، فدخلت أنظر ما هي، فإذا بحرذون «١» قد أقبل من جانب البستان، وقد جاء حتى استلّ عيني الواثق، فأكلهما.

فقلت: لا إله إلّا الله، هذه العين التي فتحها منذ ساعة، فاندقّ سيفي هيبة لها، صارت طعمة لدابّة ضعيفة.

قال: وجاءوا فغسلوه بعد ساعة، فسألني ابن أبي دؤاد، عن سبب عينيه، فأخبرته.

قال: والحرذون، دابّة أكبر من اليربوع قليلا «٢» .