للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض أصحابه، ودفع إليه تخوت ثياب فاخرة، وطيبا، وأشياء قيمتها خمسمائة دينار، وأمره بحملها إلى خادم كان رئيس أولئك الخدم الذين سبّوه غدوة.

وقال له: إقره السلام، وقل له كنت راسلتني في أن أحكم لفلان بشيء، لم تجز إجابتك إليه، لأنّه لم يكن مذهبي، ولا ممّا يجوز عندي في الحكم، ولو عرضت على السيف لم أجب إلى محال في حكم، فرددتك.

فكان منك بالأمس ما لم يرض الله به، ولا قدح في شيء من أمرنا، ولكنّي استدللت به على عتبك، ووقع لي أنّ الرجل كان وعدك بشيء ساءك فوته، وقد أنفذت إليك هذا- وضع الهدية بين يديه- وأحبّ أن تقبله، وتعذرني.

قال: فاغتظت منه، وقلت في نفسي: يؤدّي جزية، ويعطي مصانعة عن عرضه، أيّ رأي هذا؟

فمضى الرسول، وافترقنا، ما بدأني بشيء، ولا بدأته به.

فلما كان في الموكب الثاني، صحبته، فصعد من الطيّار، وجلست على رسمي، فإذا بأولئك الخدم، وعدّة أكثر منهم، وقد وقفوا له سماطين، يقولون: يا عفيف، يا نظيف، يا مأمون، يا ثقة، يا جمال الإسلام، يا تأريخ القضاة، ويدعون له، ويشكرونه، حتى صعد من الطيار. وخدموه أحسن خدمة، وهو ساكت على رسمه، إلى أن دخل الدار، ثم عند خروجه إلى أوّل ما نزل طيّاره.

فتحيّرت مما رأيتهم عليه من التضادّ في الدفعتين، مع قرب العهد.

فلما استقررنا في الطيّار، قال لنا أبو عمر: كأنّي بكم أنكرتم ما جرى منهم في ذاك الموكب، قلتم: لو شكاهم إلى الخليفة، فأمر بتأديبهم، أليس كذا وقع لكم؟