للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنا ريّان، وأترك وأنا عطشان، وأطعم وأنا ممتلىء، وأفقد الطعام وأنا جائع، لا أدفع عن نفسي، ولا أقدر على إيماء بما يفهم مرادي منه.

فدخلت امرأة بعد سنة إلى زوجتي، فسألتها عنّي، فقالت: كيف لبيب؟

فقالت لها، وأنا أسمع: لا حيّ فيرجى، ولا ميت فينسى.

فغمّني ذلك، وبكيت، وضججت إلى الله تعالى في سرّي «١» .

وكنت في جميع ذلك الحال، لا أجد ألما في شيء من جسمي، فلمّا كان في ذلك اليوم، ضرب بدني كلّه ضربا شديدا لا أحسن أن أصفه، وألمت ألما مفرطا.

فلمّا كان في الليل، سكن الألم، فنمت، وانتبهت، ويدي على صدري، فعجبت من ذلك وكيف صارت يدي على صدري، ولم أزل مفكّرا في ذلك، ثم قلت لعل الله قد وهب عافيتي، فحركتها، فإذا هي قد تحركت، ففرحت، وطمعت في العافية.

وقلت: لعلّ الله أذن بخلاصي، فقبضت إحدى رجليّ إليّ، فانقبضت، وبسطتها، فانبسطت، وفعلت بالأخرى كذلك، فتحركت، فقمت قائما، لا قلبة بي، ونزلت عن السرير الذي كنت مطروحا عليه، فخرجت إلى الدار، ورفعت طرفي، فرأيت الكواكب، وإذا أنا قد أبصرت، ثم انطلق لساني، فقلت: يا قديم الإحسان، بإحسانك القديم.

ثم صحت بزوجتي، فقالت: أبو عليّ.

فقلت: الساعة صرت أبو عليّ.

فأسرجت، وطلبت مقراضا، وكان لي سبال كما يكون للجند،