للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: قد صيّر لي أهل هذا البلد حديثا، وقد ضاق صدري، وأريد أن أبعد عنهم.

فقال له: مثل ماذا؟

قال: يرونني أفعل أشياء، فلا يسألونني عنها، ولا يستكشفونها فيعلمون أنّها ليست كما وقع لهم، ويخرجون ويقولون: الحلّاج مجاب الدعوة، وله معونات قد تمّت على يده، وألطاف، ومن أنا حتى يكون لي هذا؟

بحسبك، إنّ رجلا حمل إليّ منذ أيّام دراهم، وقال لي: اصرفها إلى الفقراء، فلم يكن يحضرني في الحال أحد، فجعلتها تحت بارية «١» من بواري الجامع، إلى جنب أسطوانة عرفتها، وجلست طويلا فلم يجئني أحد، فانصرفت إلى منزلي، وبتّ ليلتي، فلما كان من غد، جئت إلى الأسطوانة، وجلست أصلّي، فاحتفّ بي قوم من الصوفيّة، فقطعت الصلاة، وشلت البارية، وأعطيتهم تلك الدراهم.

فشنعوا عليّ بأن قالوا: إنّي إذا ضربت يدي إلى التراب صار في يدي دراهم.

قال: وأخذ يعدّد مثل هذا أشياء، فقام خالي عنه، وودّعه، ولم [١٦٨ ب] يعد إليه.

وقال: هذا منمّس، وسيكون له بعد هذا شأن.

فما مضى إلّا قليل، حتى [١٩٥ ط] خرج من البصرة، وظهر أمره وتلك الأخبار عنه «٢» .