للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أكثرها واجب عليّ، وباقيها كالواجب.

وأحضرني للمناظرة عليها، فاعتقلني في داره.

فضقت ذرعا بما نزل بي، وعلمت أنّ المال سيؤخذ منّي إذا نوظرت، وأنّه يؤثّر [١٨٣ ب] في حالي، ويهتك جاهي، فلم أدر ما أعمل.

فشاورت بعض من يختصّ به، فقال: طمعه فيك- والله- قويّ، وما ينفعك معه شيء غير المال.

فقلت: فكّر في حيلة أو مخادعة.

ففكّر، ثم قال: لا أعرف لك دواء إلّا شيئا واحدا، إن سمحت به نفسك [٢١٠ ط] ، وتركت العلويّة «١» عنك، وفعلته، نجوت.

فقلت: ما هو؟

قال: هو رجل سمح على الطعام، محبّ لأكله على مائدته، موجب لحرمته، وأرى لك، إذا وضع طعامه، أن تخرج إليه، فإنّك معه في الدار، ولا يمنعك الموكّلون من ذلك، فتجيء بغير إذن، فتجلس على المائدة، وتأكل، وتنبسط، وتخاطبه «٢» في أمرك عقيب الأكل، وتسأله، وترفق به، وتخضع له، فإنّه يسامحك بأكثرها، ويقرّب ما بينك وبينه.

فشقّ ذلك عليّ، ثم نظرت، فإذا وزن المال أشقّ منه.

وكان أبو جعفر، لا يأكل إلّا بعد المغرب، في كلّ يوم مرّة «٣» ، فلم آكل ذلك اليوم شيئا، وراعيت مائدته، فلما وضعت المائدة، قمت.

فقال الموكّل: إلى أين؟