للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فطاف في الدار، فوجد إزارا جديدا، وطلب جمرا فظفر به، ووقع في يده شيء كان لهم فيه دخنة طيبة، فلبس الإزار، وأشعل ذلك البخور، وأقبل ينزل على الدرجة، ويصيح بصوت غليظ وتعمّد أن يجعله جهوريا، لتفزع العجوز.

وكانت معتزلية جلدة، ففطنت لحركته، وأنّه لص، فلم تره أنّها فطنت.

وقالت: من هذا؟ بارتعاد وفزع شديد.

فقال لها: أنا رسول الله رب العالمين، أرسلني إلى ابنك هذا الفاسق، لأعظه، وأعامله بما يمنعه من ارتكاب المعاصي.

فأظهرت أنّها قد ضعفت، وغشي عليها من الجزع، وأقبلت تقول:

يا جبريل، سألتك بالله، إلّا رفقت به، فإنّه واحدي.

فقال اللصّ: ما أرسلت لقتله.

فقالت: فما تريد؟ وبما أرسلت؟

قال: لآخذ كيسه، وأؤلم قلبه بذلك، فإذا تاب رددته إليه.

فقالت: شأنك، يا جبريل، وما أمرت.

فقال: تنحّي من باب البيت.

فتنحّت: وفتح هو الباب، ودخل ليأخذ الكيس والقماش، واشتغل في تكويره.

فمشت العجوز قليلا قليلا، وجذبت الباب بحميّة، فردّته، وجعلت الحلقة في الرزّة «١» ، وجاءت بقفل، فقفلته.

فنظر اللصّ إلى الموت بعينه، ورام حيلة في داخل البيت، من نقب أو منفذ، فلم يجدها.