للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتخلّص منه بها، فأعينوني، فقلت: ما تريد؟

فقال: أعطوني ثوبا جديدا، وشيئا من الندّ والمسك، ومجمرة، ونارا، وغلمانا يؤنسوني الليلة في الطريق إلى الجبل.

قال أبي: فأعطيته ذلك كلّه.

فلما كان في نصف الليل، مضى، وخرج الغلمان معه إلى الجبل، حتى صعد فوق الكهف الذي يأوي إليه المزابليّ، فبخّر بالندّ والمسك، فدخلت الريح إلى كهف أبي عبد الله، وصاح بحلق عظيم: يا أبا عبد الله المزابليّ.

فلما شمّ تلك الرائحة، وسمع الصوت، أنكرهما.

فقال: ما لك عافاك الله، ومن أنت؟

فقال ابن الزكوريّ: أنا الروح الأمين، جبريل، رسول رب العالمين، أرسلني إليك.

فلم يشكّ المزابليّ في صدق القول، فأجهش بالبكاء والدعاء، وقال:

يا جبريل، من أنا حتى يرسلك ربّ العالمين إليّ.

فقال: الرحمان يقرؤك السلام، ويقول لك: موسى ابن الزكوريّ غدا رفيقك في الجنة.

فصعق أبو عبد الله، وسمع صوت الثياب، وقد كان خرج فرأى بياضها، فتركه موسى ورجع.

فلما كان من الغد، كان يوم جمعة، فأقبل المزابليّ يخبر الناس برسالة جبريل، ويقول: تمسّحوا بابن الزكوريّ، واسألوه أن يجعلني في حلّ، واطلبوه لي.

فأقبل العامّة أرسالا إلى دار ابن الزكوري، يطلبونه ليتمسّحوا به ويستحلّوه للمزابليّ، فظهر، وأمن على نفسه «١» .