للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[١٠٦ القطيعي الطبيب وذكاؤه ومكارم أخلاقه]

حدّثنا أبو الحسن عليّ بن محمد بن أبي محمد الصلحيّ الكاتب، قال:

رأيت [بمصر] طبيبا كان بها، مشهورا، يعرف بالقطيعيّ، وكان يقال: إنّه كان يكسب في كلّ شهر ألف دينار، من جرايات يجريها عليه قوم من رؤساء العسكر، ومن السلطان، وممّا يأخذ من العامّة.

قال: وكان له دار، قد جعلها شبيه البيمارستان، من جملة داره، يأوي إليها ضعفاء الأعلّة، يعالجهم، ويقوم بأودهم، وأدويتهم، وأغذيتهم، وخدمتهم، وينفق أكثر كسبه في ذلك.

قال أبو الحسن: فأسكت بعض فتيان الرؤساء بمصر- وأسماه لي، فذهب عنّي اسمه- وكنت هناك، فحمل إليه أهل الطب، وفيهم القطيعيّ، فأجمعوا على موته، إلّا القطيعيّ.

وعمل أهله على غسله، ودفنه.

فقال القطيعيّ: دعوني أعالجه، فإن برئ، وإلّا ليس يلحقه أكثر من الموت، الذي قد أجمع [١٢٢] عليه هؤلاء.

فخلّاه أهله معه.

فقال: هاتم غلاما جلدا، ومقارع، فأتي بذلك.

فأمر به فمدّد، فضربه عشر مقارع، من أشدّ الضرب، ثم مس مجسّه، وضربه عشرا أخرى شديدة، ثم مسّ مجسّه، وضربه عشرا أخرى.

ثم مسّ مجسّه، فقال للطبّ: أيكون للميت، نبض يضرب؟

فقالوا: لا.

قال: فجسّوا.