للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان يجلس على دكان «١» باب الدار التي نزلها ببغداد، فمهما رآه يجتاز [١٣٠] على الطريق، اشتراه، وأكله.

فمرّ به رجل يبيع الجراد مطبوخا، فأجلسه، واشترى منه عشرة أرطال، وأكلها بأسرها.

فلما كان بعد ساعة من أكله، انحلّ طبعه «٢» ، وتواتر قيامه، حتى قام في ثلاثة أيّام أكثر من ثلاثمائة مجلس، وضعف، وأيس منه.

ثم انقطع القيام، وقد زال كل ما كان في جوفه، وأنابت إليه قوّته، وبرأ.

فخرج برجليه، في اليوم الخامس، يتصرّف في حوائجه، فرآه أحد الطب، وعجب من أمره، وسأله عن الخبر، فعرّفه.

فقال: ليس من شأن الجراد، أن يفعل هذا الفعل، ولا بدّ أن يكون في الجراد الذي فعله، خاصيّة، فأحب أن تدلّني على بائع الجراد.

قال: فما زالوا في طلبه، حتى اجتاز بالباب، دفعة ثانية، ورآه الطبيب، فقال: ممّن اشتريت هذا الجراد؟.

فقال: ما اشتريته، أنا أصيده، وأجمع منه شيئا كثيرا، وأطبخه على الأيّام، وأبيعه.

فقال: من أين تصطاده؟

قال: فذكر قرية على فراسخ يسيرة من بغداد.

فقال [١٣١] له الطبيب: أعطيك دنانير، وتدع شغلك، وتجيء معي إلى الموضع الذي اصطدت منه الجراد.