للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ما ملخصه: العجب من أصحاب الميت، حيث يأتون بجماعة يذكرون أمام الجنازة، وهو من الحدث في الدين، ومخالف لسنَّة سيد المرسلين، وأصحابه والسَّلف الصَّالحين، يجب على من له قدرة على منعهم أن يمنعهم مع الزجر والأدب؛ لمخالفتهم للشريعة المطهرة، ولأنه ضد ما كانت عليه جنائز السلف الماضين؛ لأنّ جنائزهم كانت على التزام الأدب والسكون والخشوع، حتى إن صاحب المصيبة كان لا يعرف من بينهم؛ لكثرة حزن الجميع (١) ، وما أخذهم من القلق والانزعاج بسبب الفكرة فيما هم إليه صائرون، وعليه قادمون (٢) ،


(١) أخرج وكيع في «الزهد» (٢/٤٦٠ رقم ٢٠٨) وعنه ابن أبي شيبة في «المصنف» ، وأحمد في «الزهد» (٣٦٥) ، وابن أبي الدنيا في «القبور» (رقم ٣٢ - بتحقيقي) ، وأبو نعيم في «الحلية» (٥/٥٠) بإسناد صحيح عن الأعمش، قال: إن كنا لنتبع الجنازة، فما ندري مَن نعزّي من حزن القوم. وانظر «الباعث» (ص ٢٧٧ - بتحقيقي) لأبي شامة المقدسي.
وأخرج ابن أبي الدنيا في «القبور» (رقم ٢٣) عن حوشب بن مسلم، قال: لقد= =أدركت الميت يموت في الحي، فما يعرف حميمه من غيره من شدّة جزعهم، وكثرةِ البكاء عليه، قال: ثم بقيت، حتى فقدتُ عامّة ذلك.
وحوشب بن مسلم الثقفي، مولى الحجاج، كان من العُبّاد، ممن يقص، له ترجمة في «التاريخ الكبير» (٣/١٠٠) ، و «ثقات ابن حبان» (٦/٢٤٣) .
(٢) أخرج وكيع (٢/٤٦٠ رقم ٢٠٨) وأحمد (٣٦٥) كلاهما في «الزهد» ، وأبو نعيم في «الحلية» (٥/٥٠) بسند صحيح، أن أسيد بن حضير كان يقول: ما شهدتُ جنازةً، فحدثت نفسي بشيء سوى ما هو مفعول بها، وما هي صائر إليه.
وأخرج ابن أبي الدنيا في «القبور» (رقم ٣٦) بسنده إلى صالح المري، قال: أدركت بالبصرة شباباً وشيوخاً يشهدون الجنائز، يرجعون منها كأنهم نُشِروا من قبورهم، فيُعرف فيهم -والله- الزيادة بعد ذلك.

وأخرج ابن أبي الدنيا في «القبور» (رقم ٣٤، ٥٩ - بتحقيقي) عن عامر بن يساف، قال: كان يحيى بن أبي كثير إذا حضر جنازة، لم يتعشّ تلك الليلة، ولم يقدر أحد من أهله يكلمه من شدّة حزنه. وإسناده لا بأس به. وذكره ابن حبان في «ثقاته» (٧/٥٩٢) ، وعنه الذهبي في «السير» (٦/٢٨) ، وانظر أثر حوشب في الهامش السابق.

<<  <   >  >>