للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي عافانا مِمّا ابتلى به كثيراً مِنْ خلقِه، وأَلْهَمَنا بفضله أن نُحافِظَ على دينه، ونُبَلّغَه للناس، كما أنزل على نبيه، لا مُبَدّلين، ولا مُغَيِّرين، حتى يأتينا اليقين. ونشهد أن لا إله إلا الله، الحميد المَجيد، الذي نادى عبادَه الصادقين بقوله في كتابه المكنون: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ. وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ} [الأنفال: ٢٠-٢١] ، ونشهد أن سيّدنا محمداً عبده ورسوله، نبيُّ الرحمة، وهادي الأمة، وكاشف الحيرة والغمّة، القائل: «من تمسك بسنّتي عند فساد أمتي، فله أجرُ [مئة] شهيد» (١) ،


(١) أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٢/ ٧٣٩) ، وابن بشران في «أماليه» (رقم ٥٠٣، ٧٠١) -ومن طريقه البيهقي في «الزهد» (رقم ٢٠٩) - من طريق الحسن بن قتيبة: أنا عبد الخالق بن المنذر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس رفعه، ولفظة (مئة) من مصادر التخريج، وسقطت من الأصول.

وإسناده ضعيف جدّاً، الحسن بن قتيبة، قال الدارقطني: متروك الحديث، وقال الأزدي: واهي الحديث، وقال العقيلي: كثير الوهم، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وتعقبه الذهبي بقوله: «بل هو هالك» . انظر: «الجرح والتعديل» (٣/٣٣) ، «الميزان» (١/٥١٨) ، «لسان الميزان» (٢/٢٤٦) .
وعزاه المنذري في «الترغيب» (١/٤١) للبيهقي فقط، وهو في «ضعيفه» (رقم ٣٠) ، وقال: «ضعيف جدّاً» ، قال المنذري بعده:
«ورواه الطبراني من حديث أبي هريرة بإسناد لا بأس به، إلا أنه قال: «فله أجر شهيد» . ... =

= ... وتعقبه الحافظ الناجي في «عجالة الإملاء المتيَسّرة» (١/١٩٤ - ط. المعارف) : «كذا رواه البيهقي في «المدخل» من حديث أبي هريرة، لكن أوله: «القائم بسنتي» ، وآخره: «له أجر مئة شهيد» ، ولعل لفظة (مئة) سقطت من الرواية المذكورة، والله أعلم» .
قلت: ومطبوع «المدخل» ناقص، وليس فيه هذا الحديث.
وأخرج حديث أبي هريرة: الطبراني في «الأوسط» (٥/٣١٥ رقم ٥٤١٤) -ومن طريقه أبو نعيم في «الحلية» (٨/٢٠٠) - من طريق محمد بن صالح العدوي: ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي هريرة رفعه: «المتمسك بسنتي عند فساد أمتي، له أجر شهيد» .
قال الطبراني عقبه: «لا يروي هذا الحديث عن عطاء إلا عبد العزيز بن أبي رواد، تفرد به ابنه عبد المجيد» .
وقال الهيثمي في «المجمع» (١/١٧٢) بعد عزوه للطبراني في «الأوسط» : «وفيه محمد ابن صالح العدوي، ولم أر من ترجمه، وبقية رجاله ثقات» !
قلت: عبد العزيز هو ابن أبي رواد، قال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال ابن حبان: كان يقلب الأخبار، ويروي المناكير عن المشاهير، فاستحق الترك. ووثقه ابن معين وأبو داود والنسائي وأحمد وغيرهم، ولذا قال ابن حجر عنه: «صدوق» ، وأفرط ابن حبان، فقال: «متروك» ، وانظر: «التهذيب» (٦/٣٨١) ، «الميزان» (٢/٦٤٨) .
وابنه عبد المجيد، صدوق يخطئ.
قال شيخنا الألباني -رحمه الله- في «السلسلة الضعيفة» (٣٢٧) بعد كلام الهيثمي السابق: «ومنه تعلم قول المنذري: وإسناده لا بأس به، ليس كما ينبغي» ، قال: «ويغني عنه حديث: «إنَّ من ورائكم أيام الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم ... » الحديث، وهو مخرج في «الصحيحة» (٤٩٤) » .
قلت: وهذا التعقب يلحق الشيخ عبد الحق لما قال في «لمعات التنقيح» (١/٢٣٨) : «إسناده حسن» !!
وضعّفه شيخنا الألباني في «ضعيف الترغيب والترهيب» (١/٣٦ رقم ٣١) و «المشكاة» (١٧٦) ... وفيه عزوه لـ «الشعب» للبيهقي، ولم يعزه في «كنز العمال» (رقم ١٠٧١) إلا للطبراني في «الأوسط» ، ولأبي نعيم في «الحلية» .

<<  <   >  >>