للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[التشبيه القريب المبتذل]

والقريب المبتذل، وهو ما يُنتقَل فيه من المشبه إلى المشبه به من غير تدقيق نظر؛ لظهور وجهه في بادئ الرأي، وسبب ظهوره أمران:

الأول: كون الشبه أمرا جمليا١؛ فإن الجملة أسبق أبدا إلى النفس من التفصيل؛ ألا ترى أن الرؤية لا تصل في أول أمرها إلى الوصف على التفصيل؟ لكن على الجملة، ثم على التفصيل؛ ولذلك قيل: "النظرة الأولى حمقاء، وفلان لم يُنعم النظر" وكذا سائر الحواس؛ فإنه يدرك من تفاصيل الصوت والذوق في المرة الثانية ما لم يدرك في المرة الأولى، فمن يروم التفصيل كمن يبتغي الشيء من بين جملة, يريد تمييزه مما اختلط به, ومن يروم الإجمال كمن يريد أخذ الشيء جزافا، وكذا حكم ما يدرك بالعقل، ترى الجمل أبدا تسبق إلى الذهن، والتفاصيل مغمورة فيها، لا تحضر إلا بعد إعمال الروية.

والثاني: كونه قليل التفصيل مع غلبة حضور المشبه به في الذهن: إما عند حضور المشبه؛ لقرب المناسبة بينهما، كتشبيه العنبة الكبيرة السوداء بالإجّاصة٢ في الشكل وفي المقدار، والجرة الصغيرة بالكوز كذلك، وإما مطلقا لتكرره على الحس، كما مر من تشبيه الشمس بالمرآة المجلوة في الاستدارة والاستنارة؛ فإن قرب المناسبة والتكرر كل واحد منهما يعارض التفصيل؛ لاقتضائه سرعة الانتقال.

<<  <  ج: ص:  >  >>