للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: الحقيقة والمجاز العقليان]

الإسناد منه حقيقة عقلية، ومنه مجاز عقلي١.

أما الحقيقة فهي إسناد الفعل٢ -أو معناه- إلى ما هو له٣ عند المتكلم في الظاهر٤.

والمراد بمعنى الفعل نحو المصدر واسم الفاعل٥.


١ الحقيقة والمجاز العقليان يأتيان في الإسناد الإنشائي أيضا، وقيل: إنهما يأتيان في الإسناد الإضافي ونحوه، كما في قوله: {مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [سبأ: ٣٣] ، {ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ} [الحج: ١٢] . وقيل: إن الإضافة قد تكون لمطلق الملابسة، فتكون في نحو "مكر الليل" حقيقة عقلية. ويسمى المجاز العقلي مجازا حكميا ومجازا إسناديا أيضا، ومن الإسناد ما لا يكون حقيقة ولا مجازا كما سيأتي.
٢ المراد بالإسناد ما يشمل الإسناد الإيجابي والسلبي.
٣ الإسناد إلى ما هو له يشمل الإسناد إلى الفاعل وإلى المفعول. ويريد بكونه له إذا كان فاعلا أن معناه قائم به ووصف له، وحقه أن يسند إليه، سواء أكان مخلوقا لله تعالى كما يقول أهل السنة، أم كان لغيره كما يقول المعتزلة، والأفعال من هذه الجهة تنقسم إلى أفعال استأثر الله بها مثل الخلق والرزق، وإلى أفعال لغيره كسب فيها، مثل "أحسن وأساء وقام وقعد"، وإلى أفعال يراد من إسنادها مجرد الاتصاف بها، مثل "صح ومرض وعظم وتنزه"؛ فالأولى إسنادها إلى الله حقيقي ولا يصح إسنادها إلى غيره إسنادا حقيقيا، والثانية يصح إسنادها إلى غيره إسنادا حقيقيا، ومنها ما لا يصح إسناده إليه تعالى مثل "قام وقعد"، والثالثة منها ما يسند إليه تعالى، مثل "عظم وتنزه" ومنها ما يسند إلى غيره مثل "صح ومرض"، هذا والمعول عليه عند الخطيب هو إسناد الفعل أو معناه ولو في جملة اسمية, كما سيأتي تحقيقه.
٤ أي: في ظاهر حال المتكلم، بألا ينصب قرينة تدل على أنه غير ما هو له في اعتقاده كما سيأتي.
٥ مثلهما اسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل والظروف؛ لأن المراد بالإسناد ما يشمل الإسناد على جهة المفعولية كما سبق، فيدخل في ذلك إسناد اسم المفعول كما يدخل فيه إسناد الفعل إلى المفعول.

<<  <  ج: ص:  >  >>