للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الاستطراد]

ومنه الاستطراد، وهو الانتقال من معنى إلى معنى آخر متصل به لم يُقصد بذكر الأول التوصل إلى ذكر الثاني١؛ كقول الحماسي:

وإنا لقوم ما نرى القتيل سبة ... إذا ما رأته عامر وسلول٢

وقول الآخر:

إذا ما اتقى اللهَ الفتى وأطاعه ... فليس به بأس وإن كان من جَرْم٣

وعليه قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: ٢٦] . قال الزمخشري: هذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقيب ذكر السوءات وخصف الورق عليها؛ إظهارا للمنة فيما خلق الله من اللباس، ولما في العُرْي وكشف العورة من المهانة والفضيحة، وإشعارا بأن التستر باب عظيم من أبواب التقوى.

إيهام الاستطراد:

هذا أصله٤، وقد يكون الثاني هو المقصود، فيُذكر الأول قبله ليُتوصل إليه، كقول أبي إسحاق الصابي:

إن كنت خنتُكَ في المودة ساعة ... فذممتُ سيف الدولة المحمودا

وزعمت أن له شريكا في العلا ... وجحدته في فضله التوحيدا

قَسَمًا لو أني حالف بغَموسها ... لغريم دين ما أراد مزيدا٥

ولا بأس بأن يسمى هذا إيهام الاستطراد٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>