للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مفارقة الموصل إلى بيته بأربل، سلم جميع ما كان بيده من البلاد إلى قطب الدين، وبقى معه أربل خاصة. وكان شجاعا عاقلا حسن السيرة سليم القلب ميمون النقيبة، ما انهزم من حرب قط. وكان كريما كثير العطاء للجند وغيرهم، فمن عطاياه أن الحيص بيص الشاعر قد امتدحه بقصيدة، فلما أراد إنشادها قال له: «أنا لا أعرف ما تقول ولكنى أعلم ما تريد» وأمر له بخمسمائة دينار وخلعة وفرس فكان مجموع ذلك بألف دينار. ولم يزل بأربل إلى أن مات بها فى هذه السنة.

ولما فارق زين الدين قلعة الموصل سلمها قطب الدين إلى فخر الدين عبد المسيح وحكمه فى البلاد، فعمر القلعة وكانت خرابا لأن زين الدين كان قليل الالتفات إلى العمارة. وسار عبد المسيح سيرة شديدة وسياسة عظيمة وكان خصيا أبيض من مماليك أتابك زنكى.

[ذكر وفاة قطب الدين مودود وملك ولده سيف الدين غازى]

كانت وفاة قطب الدين مودود بن زنكى بالموصل فى ذى الحجة سنة خمس وستين وخمسماية، وقيل فى شوال منها. وكان مرضا حمى حادة فكانت مدة ملكه إحدى وعشرين سنة وشهورا. وكان من أحسن الملوك سيرة، وأعفهم عن أموال الرعية، كثير الإنعام والإحسان إليهم، محبوبا إلى كبيرهم، وصغيرهم عطوفا على شريفهم ووضيعهم، كريم الأخلاق. ولما مات رحمه الله تعالى ملك بعده ولده سيف الدين غازى.