للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما قصد السفر من الموصل جاءه أهلها وقالوا: «إنا نخشى عليك من سطوة هذا الملك الجبار» فقال: «أرجو أن أتمكن منه وأعرك أذنيه» فلما جاءه وقدم ما معه أعجب هولاكو وأقبل عليه. فلما فرغ من تقدمته قال: «قد بقى معى شيئ خاص بالقان» وأخرج له حلقتى أذن من الذهب، فيهما درتان كبيرتان، فأعجباه فقال: «أشتهى القان يشرفنى بأن أجعلهما بيدى فى أذنيه ليعظم قدرى بذلك عند الملوك وأهل بلادى وأعلم رضاه عنى» فأصغى إليه بأذنيه فمسكهما ووضع الحلقتين فيهما، ونظر إلى من معه من أهل الموصل يعنى:

«اننى قد قلت قولا وقد حققته» .

وأرسل إليه الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن العزيز صاحب الشام ولده العزيز بهدايا وتحف اقتداء بصاحب الموصل، فقبل تقدمته وسأله عن تأخير أبيه، فاعتذر بأنه لا يمكنه مفارقة البلاد خوفا عليها من عدو الإسلام الفرنج، فقبل عذره وأعاده إلى أبيه.

وجاءه عز الدين كيكاوس، وركن الدين قلج أرسلان ملك الروم فقسم البلاد بينهما على ما قرره منكوقان.

وفى سنة سبع وخمسين وستماية وجه هولاكوا أرغون- وهو من أكابر المقدمين- فى جيش إلى كرجستان، فغزا تفليس وأعمالها، فأغار ونهب وعاد إليه وهو بالعراق.

وفيها أيضا قدم هولاكو إلى شرقى الفرات ونازل حران وملكها، واستولى على البلاد الجزيرية، وذلك بعد وفاة بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل.