للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأى مصافّا قبله، ولّى منهزما فى طائفة من الأحداث الّذين لا علم لهم بالحرب، ولم يقف دون مصر.

ونزل المعتضد إلى خيام خمارويه وهو لا يشكّ فى تمام النّصر، فخرج سعد الأيسر بالكمين وانضاف إليه من بقى من الجيش، ونادوا بشعارهم، وحملوا على عسكر المعتضد وقد اشتغلوا بنهب السّواد، فوضع المصريّون السّيف فيهم. فظنّ المعتضد أنّ خمارويه قد عاد، فركب وانهزم لا يلوى على شىء، ووصل إلى دمشق فلم يفتح له أهلها، فمضى منهزما حتّى وصل طرسوس. واقتتل العسكران وليس لواحد منهما أمير [١١] ، وطلب سعد الأيسر خمارويه فلم يجده. فأقام أخاه أبا العشائر مقامه. وتمّت الهزيمة على العراقيّين، وقتل منهم خلق كثير، وأسر خلق كثير.

وجاءت البشائر بالنّصر إلى مصر، فسرّ خمارويه بالظّفر، وخجل من الهزيمة، وأكثر الصّدقة، وفعل مع الأسرى ما لم يسبق إليه، وقال لأصحابه: هؤلاء أضيافكم، فأكرموهم. ثم أحضرهم بعد ذلك وقال:

من اختار المقام عندنا فله الإكرام والمواساة، ومن أراد الرّجوع جهّزناه وسيّرناه، فمنهم من أقام، ومنهم من عاد مكرّما. وسارت عساكر خمارويه إلى الشّام ففتحه أجمع، واستقر ملك خمارويه «١» .

وفى سنة اثنتين وسبعين ومائتين زلزلت مصر فى جمادى الآخرة زلزلة شديدة أخربت الدّور والمسجد الجامع، وأحصى بها فى يوم واحد ألف جنازة.