للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان المنصور شجاعا بليغا يرتجل الخطب. حكى المروروذىّ قال:

خرجت مع المنصور يوم هزم أبو زيد، فسايرته وبيده رمحان «١» فسقط أحدهما مرارا وأنا أمسحه وأناوله إيّاه وتفاءلت له بذلك. فأنشدت:

فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى ... كما قرّ عينا بالإياب المسافر

فقال: ألا قلت ما هو خير من هذا وأصدق وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ* فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ* فَغُلِبُوا هُنالِكَ وَانْقَلَبُوا صاغِرِينَ

«٢» .

[ذكر وفاة المنصور بنصر الله وشىء من أخباره]

كانت وفاته فى يوم الجمعة آخر شوّال سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة.

وكان سبب وفاته أنّه خرج فى شهر رمضان من السّنة إلى جلولاء «٣» ومعه جاريته قضيب، وكان يحبّها، فجاء مطر عظيم وريح شديدة بجلولاء واشتدّ البرد بها؛ فخرج منها على فرس وقضيب فى غمازيه وهو يريد المنصوريّة، ودام عليه المطر والبرد.

قال أبو الرّقيق: أخبرنى من كان معه، قال: كنّا ننظر إلى العبيد السّودان على الطريق قعودا فنتأمّلهم فنجدهم موتى، وقد جفّوا من البرد. ووصل المنصور إلى قصره آخر النّهار، فدخل الحمّام، فاعتلّ لوقته. وصلّى العيد