للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتمكّنت النار من البرج. وأحرق المسلمون البرجين [الآخرين] «١» أيضا.

وكاتب عزّ الملك طغزتكين، صاحب دمشق، فأنجده بالرّجال، وأرسل أصحابه للإغارة على بلاد الفرنج، فرجعوا من حصار مدينة صور فى شوّال من السّنة.

ثم عادوا فى سنة ستّ وخمسمائة إلى الحصار، وضايقوا البلد، فأرسل أهل صور إلى طغزتكين صاحب دمشق يطلبون منه أن يرسل إليهم من جهته من يتولّى أمرهم ويحميهم، وتكون البلد له. فسيّر إليهم عسكرا، وجعل عندهم واليا اسمه مسعود، وكان شهما شجاعا عارفا بالحرب ومكايدها، وأمدّه بالعساكر والميرة؛ فطابت قلوب أهل البلد. ولم يقطع خطبة الآمر بأحكام الله ولا غيّر سكّته؛ وكتب إلى الأفضل أمير الجيوش يعرّفه ما عمل ويقول: متى وصل من مصر من يتولّاها ويذبّ عنها سلّمتها إليه؛ وطلب منهم ألّا ينقطع الأسطول عنها بالرّجال والميرة. فأجابه الأفضل إلى ذلك، وشكره على ما فعل، وجهّز أسطولا إليها، فاستقامت أحوال أهلها.

ولم يزل كذلك إلى سنة ستّ عشرة وخمسمائة، بعد قتل الأفضل أمير الجيوش. وذلك أن المأمون بن البطائحى لمّا ولى إمرة الجيوش بعد قتل الأفضل سيّر إلى مدينة صور أسطولا على العادة، وأمر المقدّم عليه أن يعمل الحيلة على الأمير مسعود، الوالى من قبل طغزتكين، ويقبض عليه، ويتسلم البلد منه. وكان سبب ذلك أنّ أهل صور شكوا منه إلى الآمر بأحكام الله.

فلمّا وصل الأسطول وجاء الأمير مسعود ليسلّم على المقدّم قبض المقدّم عليه