للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واجتمع بالحافظ، فرأى منه عقلا وافرا وإقداما فى الحرب وحسن تدبير «١» .

وكان سبب وصوله من بلاده أنّ القائم بأمر الأرمن مات، وكان بهرام أحقّ بمكانه من غيره فعدل الأرمن عنه وولّوا غيره، فغضب لذلك وخرج من تلّ باشر «٢» وقدم مصر؛ فعيّنه الحافظ للوزارة. واستشار بعض أهله وأكابر دولته فيه، فكلّهم كره ذلك وأشار عليه ألا يفعل، وقالوا:

إنّه نصرانى لا يرضاه المسلمون، وإنّ من شروط الوزارة أنّ الوزير يرقى المنبر مع الإمام فى الأعياد ليزرّ عليه المزرة الحاجزة بينه وبين الناس؛ وأنّ القضاة هم نواب الوزراء، من زمن أمير الجيوش. بدر الجمالى، ويذكرون فى النّيابة عنهم فى الكتب الحكمية النّافذة عنهم إلى الآفاق وكتب الأنكحة. فقال الحافظ: إذا رضيناه نحن فمن يخالفنا، وهو وزير السيف؟ وأمّا صعود المنبر فيستنيب عنه فيه قاضى القضاة، وأمّا ذكره فى الكتب الحكميّة فلا حاجة إلى ذلك. واستوزر والنّاس ينكرون ذلك عليه «٣» .

وقال بعض المؤرخين: إن بهرام كان والى الغربيّة يومئذ وإنّه سار منها مجدّا إلى أن وصل إلى القاهرة وحاصرها يوما واحدا ودخلها. فلمّا ولى الوزارة وثبتت بها قدمه سأل الحافظ أن يسمح له بإحضار إخوته وأهله، فأذن له فى ذلك. فأرسل إليهم وأحضرهم من تلّ باشر، فتواصلوا حتى كمل منهم ومن غيرهم من الأرمن تقدير ثلاثين ألف إنسان؛ فاستطالوا على المسلمين. وبنيت فى أيّامه كنائس كثيرة وديرة