للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاستدعى الملك الناصر الأمراء واستشارهم فى ذلك، فمنهم من حذّره، ومنهم من هوّنه عليه. فأحضر الفقيه اليسع بن يحيى بن اليسع، وعرّفه الحال. فلمّا كان فى هذه الجمعة صعد إلى المنبر بجامع مصر قبل طلوع الخطيب، ودعا للمستضىء بنور الله؛ فلم ينكر عليه أحد. فلمّا كان فى الجمعة الثّانية أمر الملك النّاصر الخطباء بمصر والقاهرة أن يخطبوا للمستضىء بنور الله أبى محمد الحسن، بن المستنجد بالله العباسى؛ فخطبوا له.

ثمّ توفى العاضد لدين الله إثر هذا الخلع، فى يوم عاشوراء من السّنة، بعد ثلاثة أيّام من خلعه. وكان ضعيفا لمّا قطعت خطبته، فقال صلاح الدّين: لا تعلموه، فإن عوفى أعلمناه، وإن توفى فلا نفجعه بهذه الحادثة.

وقال [١٠٤] بعض المؤرخين: إنّ صلاح الدين لمّا قطع خطبته دخل عليه وقبض عليه واعتقله، فلمّا رأى ذلك كان فى ذخائره فصّ فى خاتم، فمصّه، فمات لوقته. فكان صلاح الدّين يقول: ندمت [على] كونى دخلت على العاضد وفعلت به ما فعلت، وكان أجله قد قرب.

ولمّا مات جلس الملك النّاصر للعزاء به. فكانت مدّة ولايته إحدى عشرة سنة وخمسة أشهر وتسعة عشر يوما، ومولده فى يوم الثلاثاء لعشر بقين من المحرّم سنة ستّ وأربعين وخمسمائة؛ فعمره على هذا إحدى وعشرون سنة إلّا أحد عشر يوما.

وكان له من الأولاد ثلاثة عشر وهم علىّ؛ وموسى؛ وعبد الكريم؛ وأبو الحجّاج يوسف؛ وأبو الفتوح؛ وإبراهيم؛ وجعفر؛ ويحيى؛ وعبد القوى؛ وعبد الصّمد؛ وأبو البشر؛ وعيسى. فاعتقلهم الملك النّاصر بأجمعهم، واستمرّوا فى الاعتقال إلى سنة اثنتين وستّمائة، فكان من أمرهم ما نذكره فى أخبار الدّولة الأيوبية.