للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعض الملوك لولده وهو ولىّ عهده: يا بنىّ ليكن أبغض رعيتك إليك، أشدّهم كشفا لمعايب الناس عندك، فإنّ في الناس معايب وأنت أحق بسترها، وإنما تحكم فيما ظهر لك، والله يحكم فيما غاب عنك، وأكره للناس ما تكرهه لنفسك، واستر العورة، يستر الله عليك، ما تحبّ ستره، ولا تعجّل الى تصديق ساع، فإن الساعى غاشّ، وإن قال قول نصح.

ووشى واش برجل الى الإسكندر فقال له: أتحبّ أن نقبل منك ما قلت فيه، على أن نقبل منه ما يقول فيك؟ قال: لا، قال: فكفّ عن الشر، نكفّ عنك.

وقال ذو الرّياستين: قبول النميمة، شرّ من النميمة، لأن النميمة دلالة، والقبول إجازة، وليس من دلّ على شىء، كمن قبله وأجازه.

قال أبو الأسود الدّؤلىّ

لا تقبلنّ نميمة بلّغتها ... وتحفظنّ من الذى أنباكها

إن الذى أهدى إليك نميمة ... سينمّ عنك بمثلها قد حاكها

وقال رجل لعمرو بن عبيد: إن الأساورىّ لم يزل يذكرك، ويقول: الضآلّ، فقال عمرو: يا هذا! والله ما راعيت حقّ مجالسته، حتّى نقلت إلينا حديثه، ولا راعيت حقّى، حين أبلغتنى عن أخى ما أكرهه، اعلم أن الموت يعمّد، والبعث يحشرنا، والقيامة تجمعنا، والله يحكم بيننا.

وقال معاوية للأحنف في شىء بلغه عنه، فأنكره الأحنف: بلّغنى عنك الثقة، فقال الأحنف: إن الثقة لا يبلّغ.