للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر حصره حلب وعوده عنها وملكه قلعة حمص وبعلبك]

قال: ولمّا بلغ الملك النّاصر خبر عزّ الدين جرديك والقبض عليه، توجّه إلى حلب وحصرها فى جمادى الآخرة من السّنة، فقاتله أهلها، وركب الملك الصّالح وهو صبىّ وعمره اثنتا عشرة سنة وجمع أهل حلب، وذكّرهم بإحسان والده إليهم، واستنصر بهم فى دفع صلاح الدّين، فبكوا وحلفوا له على بذل النّفوس والأموال، وقاتلوا أشدّ قتال. وأرسل سعد الدّين كمشتكين إلى سنان، مقدّم الإسماعلية، مالا كثيرا على قتل الملك النّاصر؛ فسيّر إليه جماعة، فظفر صلاح الدّين بهم وقتلهم. ورحل عن حلب فى مستهلّ شهر رجب من السنة.

وكان سبب رحيله أنّ كمشتكين أرسل إلى القومص ريمند «١» الصّنجيلى، صاحب طرابلس، أن يجهّز إلى بلاد صلاح الدّين من الفرنج من يمنعه من الوصول إليها. فلمّا بلغه ذلك فارق حلب وعاد إلى حماة فى ثامن الشهر، بعد نزول الفرنج على حمص بيوم. فلمّا سمع الفرنج بقربه رحلوا عن حمص، ووصل صلاح الدّين إلى حمص، وملك القلعة بعد حصار. وكان ملكه لها فى الحادى والعشرين من شعبان من السّنة.

ثمّ سار منها إلى بعلبك، وكان بها يمن الخادم متوليها من أيّام نور الدّين، فحصرها الملك النّاصر، فطلب يمن الأمان، فأمّنه وتسلّم القلعة فى رابع شهر رمضان.