للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال العماد: وفوّض السّلطان القضاء والحكم والخطابة وجميع المناصب الدينيّة بمدينة عسقلان وأعمالها إلى جمال الدّين عبد الله بن عمر الدّمشقى، وهو المعروف بقاضى اليمن.

[ذكر فتح البيت المقدس]

قال المؤرخ: لمّا فرغ السّلطان الملك النّاصر من أمر عسقلان وما يجاورها سار إلى البيت المقدّس، فكان وصوله إليه فى يوم الأحد الخامس عشر من شهر رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة. وكان به البطرك المعظّم عندهم، وهو أعظم شأنا من ملكهم، وبه أيضا ياليان بن بارزان صاحب الرّملة ومن خلص من فرسان الفرنج من حطّين، واجتمع به أهل عسقلان وغيرها، كلّهم يرى الموت عليه أهون من أن يملك البيت المقدّس.

فنزل السّلطان بالجانب الغربىّ وأقام خمسة أيّام يطوف حول البلد لينظر من أين يقاتله. ثمّ انتقل إلى الجانب الشّمالىّ يوم الجمعة، العشرين من الشّهر، وكانت عدّة من به من المقاتلة ستّين ألفا غير النّساء والصّبيان فنصب السّلطان المجانيق فى تلك اللّيلة، ونصب الفرنج على السّور مجانيق أيضا، وقاتلوا أشد قتال رآه النّاس لأنّ كلّا من الفريقين يرى ذلك عليه من الواجبات لا يحتاج فيه إلى سلطان.

وكانت خيّالة الفرنج يخرجون فى كلّ يوم إلى ظاهر البلد فيقاتلون ويبارزون. وتوالى الزّحف، ونقب المسلمون السّور مما يلى وادى جهنّم.

فلما رأى الفرنج ذلك أخلدوا إلى طلب الأمان، وبعثوا جماعة من أكابرهم فى ذلك؛ فامتنع الملك النّاصر من ذلك وقال: لا أفعل بكم إلّا كما فعلتم بأهله حين ملكتموه فى سنة إحدى وسبعين وأربعمائة من