للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القتل والسّبى. فلما رجع الرّسل إليهم، أرسل باليان بن بارزان يطلب الأمان لنفسه ليحضر إلى الملك النّاصر، فأمّنه، فحضر إليه وسأله الأمان، فلم يجبه، واستعطفه فلم يتعطّف، واسترحمه فلم يرحمه. فلمّا أيس منه قال له ما معناه: أيها السّلطان، اعلم أنّنا فى هذه المدينة فى خلق كثير لا يعلمهم إلّا الله تعالى، وإنما يفترون عن القتال رجاء الأمان، وهم يكرهون الموت ويرغبون فى الحياة؛ فإذا رأينا أنّ الموت لا بدّ منه والله لنقتلنّ أبناءنا ونساءنا، ونحرق أموالنا وأمتعتنا، فلا نترككم تغنمون منها دينارا واحدا ولا درهما، ولا تسبون ولا تأسرون رجلا ولا امرأة. [١٢٤] فإذا فرغنا من ذلك أخرجنا الصّخرة والمسجد الأقصى؛ وغير ذلك من المواضع الشّريفة؛ ثم نقتل من عندنا من أسرى المسلمين، وهم خمسة آلاف، ولا نترك لنا دابّة ولا حيوانا إلا قتلناه. ثمّ نخرج إليكم، كلّنا، فنقاتلكم قتال من يريد يحمى دمه ونفسه، فلا يقتل الرّجل منا حتى يقتل؛ فإمّا أن نموت أعزاء أو نظفر كراما.

فلمّا سمع الملك النّاصر كلامه استشار عند ذلك أصحابه، فأشاروا عليه بموافقتهم.

ووقع الصّلح على أن يسلّموا أسرى المسلمين، ويبذلوا عن كلّ رجل من الفرنج عشرة دنانير، وعن كلّ امرأة خمسة، وعن كلّ طفل وطفلة دينارين، يستوى فى ذلك الغنىّ والفقير. وبذل ابن بارزان فى الفقراء ثلاثين ألف دينار من ماله، وعلى أن تكون المدّة أربعين يوما، فمن أدّى ذلك قبل المدّة خلص ومن تأخّر استرقّ.

وتسلّم السّلطان المدينة فى يوم الجمعة السّابع والعشرين من شهر