للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجاهيل الأحوال، ومائة أسير معيّنين، وصليب الصّلبوت؛ على أنهم يخرجون بأنفسهم ونسائهم وذراريهم، وما معهم من أموالهم وأقمشتهم.

فكتبوا فى ذلك إلى السّلطان، فأنكر هذا الأمر واستعظمه؛ وعزم على أن يكتب بالإنكار على من بعكّا. وجمع أمراءه وأصحاب المشورة، فما شعر المسلمون إلا وقد ارتفعت أعلام الكفر وصلبانه على أسوار البلد؛ وذلك ظهر نهار الجمعة السّابع عشر من جمادى الآخرة، سنة سبع وثمانين وخمسمائة.

فعظمت المصيبة على المسلمين وتحيّز المسلمون إلى بعض أطراف البلد. ثم تردّدت الرّسائل بينهما على تقرير القاعدة فى خلاص من بعكّا من المسلمين، فاستقرّت الحال على مائة ألف دينار وستّمائة أسير وصليب الصّلبوت. وأنفذوا ثقاتهم وعاينوا الصّليب فى ثامن عشر شهر رجب؛ ثم طلبوا أن يسلّم ذلك إليهم فإذا صار عندهم أطلقوا الأسرى؛ فامتنع السّلطان من ذلك إلا بعد تسليم الأسرى.

فلمّا رأوه قد امتنع منه أخرجوا خيامهم إلى ظاهر الخنادق فى الحادى والعشرين من الشّهر؛ ثمّ ركبوا فى وقت العصر فى اليوم السّابع والعشرين من شهر رجب سنة سبع وثمانين، وجمعوا الأسرى، وحملوا عليهم حملة الرّجل الواحد، فقتلوهم صبرا، طعنا بالرّمح وضربا بالسّيف، رحمة الله عليهم؛ ولم يبقوا من المسلمين إلّا أكابرهم. فلمّا اتصل الخبر بالسّلطان حمل المسلمون عليهم، وجرت بينهم حرب عظيمة دام القتال فيها طول النّهار. وتصرّف السّلطان فيما كان قد حصّله من المال، وأعاد الأسرى إلى أماكنهم، وردّ صليب الصّلبوت إلى مكانه «١» .