للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدوم التتار، قويت نفوسهم، وامتد طمعهم. فأذن السلطان له فى ذلك.

فجمع جيوش الحصون، وأمر التركمان والرجالة، واستصحب المجانيق وآلات الحصار. وتقدم إلى حصن المرقب، ونزل بالقرب منه، فاختفى أهله، ولم يتحركوا فى مبدأ الحال. فقوى طمع العسكر فيهم، وتقدموا إلى جانب الحصن، فرشقهم الفرنج بالسهام والجروخ «١» من أعلا الحصن، وسهام المسلمين لا تصل «٢» إليهم. فاضطرب العسكر، وأمرهم الطباخى أن يتأخروا عن الحصن، فظنوها هزيمة وولوا، فما أمكنه إلا أن يتبعهم. وخرج الفرنج فى أعقابهم ونالوا من المسلمين، وجرحوا منهم جماعة، ونهبوا وأسروا جماعة من الرجالة. وبلغ السلطان ذلك، فانكره وكبر لديه، وعزم على السفر.

[ذكر توجه السلطان إلى الشام.]

وفى سنة تسع وسبعين وستمائة أيضا، عاد السلطان إلى الشام. وكان خروجه من قلعة الجبل، فى مستهل ذى الحجة. ونزل بها ولده الملك الصالح، ورتب فى خدمته الامير علم الدين سنجر الشجاعى، لاستخراج الأموال، وغير ذلك.

وفى هذه السنة، فى ذى الحجة، وصل الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا من العراق، إلى خدمة السلطان. وعاود الطاعة، وسأل الصفح، عن ما فرط من ذنبه، من إعانة سنقر الأشقر، وما كان عزم عليه من الانضمام إلى التتار، وكان اجتماعه بالسلطان بمنزلة الروحاء. ولما وصل إلى الخدمة، ركب السلطان إليه، وتلقاه وأكرمه، وبالغ فى إكرامه وأحسن إليه.