للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن أشعب: أنه جلس يوما في مجلس فيه جماعة، فتفاخروا وذكر كل واحد منهم مناقبه وشرفه أو شجاعته أو شعره وغير ذلك مما يتمدّح به الناس ويتفاخرون؛ فوثب أشعب وقال: أنا ابن أمّ الجلندح، أنا ابن المحرّشة بين أزواج النبىّ صلّى الله عليه وسلم. فقيل له: ويلك! أو بهذا يفتخر الناس! قال: وأىّ افتخار أعظم من هذا! لو لم تكن أمّى عندهن ثقة لما قبلن روايتها في بعضهنّ بعضا. وقد حكى:

أنها زنت، فحلقت، وطيف بها على جمل، فكانت تنادى على نفسها: من رآنى فلا يزنين. فقالت لها امرأة: نهانا الله عزوجل عنه فعصيناه، ونطيعك وأنت مجلودة محلوقة، راكبة على جمل!. ونشأ أشعب بالمدينة في دور آل أبى طالب، وكفلته وتولّت تربيته عائشة بنت عثمان. وعمّر أشعب عمرا طويلا. وحكى عنه أنه قال: كنت مع عثمان رضى الله عنه يوم الدار لمّا حصر؛ فلما جرّد مماليكه السيوف ليقاتلوا كنت فيهم؛ فقال عثمان: من أغمد سيفه فهو حرّ. فلما وقعت في أذنى كنت والله أوّل من أغمد سيفه فعتقت. وكانت وفاته بعد سنة أربع وخمسين ومائة. وهذا القول يدل على أنه كان مولى عثمان بن عفّان رضى الله عنه.

وقد روى أبو الفرج الأصفهانىّ بإسناد رفعه الى إبراهيم بن المهدىّ عن عبيد ابن أشعب عن أبيه: أنه كان مولده في سنة تسع من الهجرة، وأن أباه كان من مماليك عثمان بن عفان. وعمّر أشعب حتى هلك في أيام المهدىّ. قال: وكانت فى أشعب خلال، منها: أنه كان أطيب أهل زمانه عشرة، وأكثرهم نادرة، وكان أقوم أهل دهره لحجج المعتزلة، وكان امرأ منهم. وقال مصعب بن عبد الله:

كان أشعب من القرّاء حسن الصوت بالقراءة، وكان قد نسك وغزا؛ وقد روى الحديث عن عبد الله بن جعفر. وقال الأصمعىّ: قال أشعب: نشأت أنا وأبى الزّناد