للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

داخلها، وأن يعلّقوا السيوف في المناطق، ويكتبوا على ظهورهم: (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)

. فلما دخل عليه أبو دلامة في هذا الزىّ قال له المنصور:

ما حالك؟ قال: شرّ حال يا أمير المؤمنين، وجهى في نصفى، وسيفى في استى، وقد صبغت بالسواد ثيابى ونبذت كتاب الله وراء ظهرى؛ ثم أنشد:

وكنا نرجى منحة من إمامنا ... فجاءت بطول زاده في القلانس

تراها على هام الرجال كأنها ... دنان «١» يهود جلّلت بالبرانس

فضحك منه المنصور وأعفاه وحذّره من ذلك، وقال: إياك أن يسمع هذا منك أحد.

وحكى عنه: أنه كان واقفا بين يدى السفاح أو المنصور، فقال له: سلنى حاجتك؛ فقال أبو دلامة: كلب صيد؛ قال: أعطوه إياه. قال: ودابّة أتصيّد عليها. قال: أعطوه. قال: وغلام يقود الكلب ويتصيّد به؛ قال: أعطوه غلاما.

قال: وجارية تصلح لنا الصيد وتطعمنا منه؛ قال: أعطوه جارية. قال: هؤلاء يا أمير المؤمنين عيال «٢» فلا بدّ لهم من دار يسكنونها؛ قال: أعطوه دارا تجمعهم.

قال: فإن لم يكن ضيعة فمن أين يعيشون؟ قال: قد أقطعتك مائة جريب»

عامرة ومائة جريب غامرة. قال: وما الغامرة؟ قال: مالا نبات فيه. قال: قد أقطعتك يا أمير المؤمنين خمسمائة ألف جريب غامرة من فيافى بنى أسد. فضحك وقال:

اجعلوا المائتين كلها عامرة. قال: فأذن لى أن أقبّل يدك؛ قال: أمّا هذه فدعها، فإنى لا أفعل. قال: والله ما منعت عيالى شيئا أقلّ عليهم ضررا منها.