للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشرقى للحنفية، والإيوان الغربى للحنابلة، فجلسا على عكس الشرط، ولعل ذلك عن غير قصد، ثم انتقض ذلك على ما نذكره.

وجلست كل طائفة منها فى المكان المعيّن لها بشرط الواقف، وجلس القاضى صدر الدّين محمّد بن الشيخ زين الدين المعروف بابن المرحّل [١] ، والطائفة الشّافعية بالإيوان البحرى، وحضر درسه الأمير عز الدين أيبك البغدادى وزير الدّولة ومدبّرها.

وهذه المدرسة والقبة كان أنشأهما الملك العادل زين الدين كتبغا المنصورى فى أيام سلطنته، واشترى أرضهما، وكانت دارا تعرف بالرشيدى، وحمّاما ومساكن، [١٣] فابتاع ذلك وهدمه، وأنشأقبّة ومدرسة. وكملت عمارة القبة، وبنى من المدرسة إيوانها القبلىّ وبعض ما يليه، ثم خلع الملك العادل من السلطنة- كما تقدم- فغلّقت المدرسة وبطلت عمارتها، فلما عاد السلطان الملك النّاصر إلى السلطنة ثانيا فى سنة ثمان وتسعين وستمائة. حسّن له قاضى القضاة زين الدين المالكى ابتياعها وتكملة عمارتها وإتقانها، فابتاعها وعوّض الملك العادل، عن ثمنها حصصا من ضياع من أملاكه بدمشق، وحصل الشروع فى عمارتها، وعيّن لها من الأملاك السلطانية ما يوقف عليها، وكان المعيّن لذلك قاضى القضاة زين الدين المالكى، وهو يومئذ ناظر الأملاك السلطانية التى ورثها السلطان عن والده وإخوته، والمبتاعة من أجر أملاكه، وكانت أجرتها فى كل شهر بالقاهرة وظواهرها خاصة تزيد على ثمانية عشر ألف درهم.

ولما عزم السلطان على الحركة إلى الشام للقاء غازان وحزبه عند طروقه الشام وقف القبّة والمدرسة، ووقف على مصالحهما من أملاكه [٢] ما يذكر،


[١] هو محمد بن عمر بن مكى بن عبد الصمد صدر الدين ابن المرحل، المتوفى سنة ٧١٦ هـ (انظر الوافى بالوفيات ٤: ٢٦٤، وفوات الوفيات ٤: ١٣، والدرر الكامنة ٤: ٢٣٤، والبداية والنهاية ١٤: ٨٠، وطبقات الشافعية ٩: ٥٣، والنجوم الزاهرة ٩: ٢٣٣، وذيول العبر ص ٩٠، والدليل الشافى ٢: ٦٦٨، وحسن المحاضرة ١: ٤١٩.
[٢] «ومن أملاكه» ساقطة من ك، والمثبت من ص، وف.