للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقرافة، وقبة على قبره فبادرت إلى امتثال أمره، وشرعت فى ذلك، وجمعت جماعة من المهندسين والصنّاع لقسمة [١] التربة ووضع الأساس، وحضر السلطان إلى التربة بالقرافة، ونزل عن فرسه، ووقف وقسم التربة وخطّها بعصا فى يده ورتبها على حسب ما اقتضاه رأيه الشريف ثم رسم إلى أن أوقف عنه على هذه التربة من الأملاك المذكورة آنفا التى ورثها عن بيبغا، وهى مما كان قد وهبه له، فوقفت تربيعة الجملون وغيرها على مصالح تربة سيف الدين بيبغا بطريق الوكالة عن السلطان، وذلك بمجلسه بحضور قاضى القضاة بدر الدين بن جماعة الشافعى وجماعة من العدول، ولما شرعت فى ترتيب الوقف سألت السلطان- خلّد الله ملكه- أن أرتبه وأوقفه على أيسر الوجوه وأهنئها، وأطيبها فأذن لى فى ذلك، فشرطت فى الوقف أن من مرض من أهل الوقف من إمام ومؤذن ومقرئين وغيرهم أورمد يصرف له معلومه الشاهد به كتاب الوقف بجملته ويستناب عنه فى مدّة مرضه أو رمده من يقوم بوظيفته بنظير نصف معلومه من مال الواقف، وأنّ من حجّ من أهل الوقف يجعل له معلوم أربعة أشهر، ويستناب عنه بنظير نصف معلومه فى مال الوقف، وغير ذلك من التيسيرات، وعرضت، ذلك على السلطان- خلد الله ملكه- فأمر لى بإمضائه، فوقفته على هذا الحكم، وهو باق على ذلك والحمد لله تعالى- والوقف ينمو ويزيد إلى وقتنا هذا.

[وفى هذه السنة فى ليلة يسفر صباحها]

عن يوم السبت خامس جمادى الآخرة وقت السحر توفى الصاحب الوزير تاج الدين محمد بن الصاحب فخر الدين محمد بن الصاحب الوزير بهاء الدين على بن محمد بن سليم المعروف جده بابن حنا [٢] بداره ببركة الحبش، ودفن بتربته بالقرافة- رحمه الله تعالى- ومولده فى التاسع من شعبان سنة أربعين وستمائة.


[١] فى ك، وف «بقسم» والمثبت من ص.
[٢] له ترجمة فى الوافى بالوفيات ١: ٢١٧، وذيول العبر ص ٣٨، والسلوك ٢/٤١، وشذرات الذهب ٦: ١٤، والنجوم الزاهرة ٨: ٢٢٨.