للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولما كان فى يوم الثلاثاء سادس عشر شهر رمضان اجتمع الأمير سيف الدين سلّار والأمير بدر الدين بكتوب الفتّاح أمير جندار، والأمير سيف الدين قجماز [١] بتخاص بالملك المظفر وقالوا له: إنا قد رأينا من المصلحة أن نراسل الملك الناصر وتسأله قلعة تكون بها أنت ومن معك من مماليك وألزامك فوافقهم على ذلك وتقرر أن يتوجه بالرسالة الأمير ركن الدين بيبرس الدوادار المنصورى فتوجه ضحى يوم الثلاثاء وكان مضمون سؤاله أن ينعم عليه بأحد ثلاث جهات إما الكرك وأعمالها، أو حماة وبلادها أو صهيون ومضافاتها ونزل عن الملك وخلع نفسه من السلطة، ثم اضطرب أمره فى عشية النهار اضطرابا شديدا، فدخل إلى الخزائن واستصحب معه جملة من الأموال والذخائر، وخرج من القلعة وصحبته مماليكه وهم نحو سبعمائة مملوك، وصحبته من الأمراء الأمير بدر الدين بكتوت الفتاح أمير جندار، والأمير عز الدين أيدمر الخطيرى أستاذ دار والأمير سيف الدين قجماز بتخاص ومماليكهم، وأخذ الخيول الجياد من الاستطبلات السلطانية، وشعر العوام بخروجه فتجمعوا وسبّوه وتبعوه فقيل إنه شغلهم بدراهم نثرها عليهم فاشتغلوا بجمعها، وتوجه بمن معه إلى إطفيح [٢] ثم منها إلى الصعيد: ولما فارق القلعة خرج من بقى من الأمراء والعساكر لتلقى السلطان الملك الناصر، واستقر الأمير سيف الدين سلّار بالقلعة يحفظها للسلطان وأفرج عن المعتقلين من المماليك السلطانية، وطالع السلطان الملك الناصر بما اتفق، وأعلن باسم السلطان والدعاء له على أسوار قلعة الجبل فى صبحة نهار الأربعاء السابع عشر من شهر رمضان، وخطب له يوم الجمعة التاسع عشر من الشهر، وانتهت أيام سلطنة الملك المظفر، وكان مدة جريان اسم السلطنة عليه عشرة أشهر وأربعة وعشرين يوما.


[١] كذا فى الأصول. وفى النجوم الزاهرة ٥: ٢٦١، وهامش ٨: ٢٥١ «قحماش بجاس» ، وفى السلوك ٢/١:
٦٤ «بشاش» وفى ٢/١: ٣٧١ «بشاش» .
[٢] إطفيح: كانت عاصمة الأعمال الإطفيحية التى تمتد شرقى النيل مما يلى أعمال الجيزة، وتنحصر بينه وبين جبل المقطم، وهى الآن تتبع مركز الصف بمحافظة الجيزة (صبح الأعشى ٣: ٣٨٠، ٣٨٤، ٣٩٦، ٤٠٢) .