للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السلطان هذا الجيش وجهّز أخاهما الأمير أبا الغيث بن أبى نمىّ، فلما وصل العسكر إلى مكة فارقها حميضة وأقام الجيش بمكة بعد عود الحاج نحو شهرين فقصّر أبو الغيث فى حقهم، وضاق منهم ثم كتب خطه باستغنائه عنهم فعادوا، وكان وصولهم إلى الأبواب السلطانية فى أواخر شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة وسبعمائه، ولما علم حميضة بمفارقة الجيش مكة عاد إليها بجمع، وقاتل أخاه أبا الغيث، ففارق أبو الغيث مكة والتحق بأخواله من هذيل بوادى نخلة وأرسل حميضة إلى السلطان رسولا وخيلا للتقدمة، فاعتقل السلطان رسوله [١] .

وفى يوم الإثنين لست بقين من شّوال أمر السلطان بالقبض على الأمير عز الدين أيبك الرومى، واعتقاله فاعتقل.

وفيها فى يوم السبت سادس عشرين ذى الحجة وصل إلى الأبواب السلطانية بقلعة الجبل رسل الملك أزبك [٢] الجالس على كرسى الملكة بصراى [٣] وما معها وهى مملكة بيت بركة، ومعهم رسل الأشكرى [٤] [٨٢] على العادة، فأنزل رسل الملك أزبك بمناظر الكبش، وشملهم الإحسان السلطانى.

وفيها فى ذى الحجة تسحّب جماعة من الجند البطالين يقال إن عدتهم نحو مائتى فارس، وتوجهوا إلى بلاد المغرب، وتقدم عليهم ابن المحسنى [٥] فرسم السلطان للأمير حسام الدين القليجى أن يتوجه خلفهم، فسارفى آثارهم وجدّ السير فلم يدرك منهم إلا رجلا واحدا كان قد ضل عن الطريق فأحضره فى المحرم سنة أربع عشرة فاعتقل.


[١] وانظر هذا الخبر فى إتحاف الورى بأخبار أم القرى ٣: ١٥٠.
[٢] تولى أزيك خان هذا سنة ٧١٢ هـ وامتد حكمه حتى سنة ٧٤١ هـ. وكان عدة رسله مائة وأربعة وسبعين نفرا (النهج السديد لأبى الفضائل ٣: ٢٣٨) .
[٣] صراى: مدينة عظيمة، وهى كرسى ملك التتار، صاحب البلاد الشمالية. وتقع غربى بحر الخرز وشماله على مسيرة يومين على شط نهر الأثل من الجانب الشمالى الشرقى، وهى فرصة عظيمة للتجار ورقيق الترك (هامش النجوم الزاهرة ٩: ٢٢٦) .
[٤] الأشكرى: لقب اختص به العرب أباطرة الدولة البيزنطية، وكان الإمبراطور فى تلك السنة «أندرنيق الثانى» (السلوك ٢/١: ١٣٢ هامش الدكتور زيادة) .
[٥] هو علاء الدين على ابن الأمير بدر الدين بن المحسنى (السلوك ٢/١: ١٣٢) .