للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً)

. فكان المسلمون يشربونها يومئذ وهى حلال لهم. ثم أنزل الله عزّوجلّ بالمدينة: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما)

نزلت هذه الآية فى عمر بن الخطّاب ومعاذ بن جبل ونفر من الأنصار أتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله، أفتنا في الخمر والميسر فإنهما مذهبة للعقل مسلبة للمال؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية؛ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إن ربكم تقدّم فى تحريم الخمر» . فتركها قوم للإثم الكبير وقالوا: لا حاجة لنا في شربها ولا في شىء فيه إثم كبير، وشربها قوم لقوله تعالى: (وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) *

. وكانوا يستمتعون بمنافعها ويتجنّبون مآثمها؛ الى أن صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعا ناسا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأتاهم بخمر فشربوا وسكروا وحضرت صلاة المغرب، فقدّموا بعضهم ليصلّى بهم؛ فقرأ قل يأيها الكافرون أعبد ما تعبدون الى آخر السورة بحذف «لا» فأنزل الله عزّوجلّ: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ)

فحرّم السكر في أوقات الصلاة. فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: إن الله عزّوجلّ تقارب في النهى عن شرب الخمر وما أراه إلا سيحرّمها. فلما نزلت هذه الآية تركها قوم، وقالوا: لا خير فى شىء يحول بيننا وبين الصلاة. وقال قوم: نشربها ونجلس في بيوتنا؛ فكانوا يتركونها وقت الصلاة ويشربونها في غير حين الصلاة؛ الى أن شربها رجل من المسلمين، فجعل ينوح على قتلى بدر ويقول:

تحيّا بالسلامة أمّ بكر ... وهل لى بعد رهطك من سلام

ذرينى أصطبح بكرا فإنى ... رأيت الموت كفّت عن هشام

وودّ بنو المغيرة لو فدوه ... بألف من رجال أو سوام