للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومولده فى سنة ست وعشرين وستمائة وكان رحمه الله تعالى كثير المروءة كثير الاحتمال والإحسان إلى الناس يحمل الجفوة من أصحابه ويصبر منهم على كثير من الأذى خصوصا من أهل بلده وكانت أفعاله جميلة، [١٢١] ومقاصده حسنة وولى القضاء بالديار المصرية فى سنة خمس وثمانين وستمائة، وكانت مدة ولايته ثلاثا وثلاثين سنة تقريبا، وعرضت عليه الوزارة فى الدولة المنصورية فأباها وتنصل منها كل التنصل وبالغ فى ردها كل المبالغة وانتهى حاله فى التنصل منها إلى أن حضر إلى الدركاه بباب القلعة وقلع طيلسانه وقلع عمامته وفوقانيته، وبقى بقبع ودلق وهو قائم فقام الأمراء لقيامه وصاروا حوله حلقه وهم لا يعرفون موجب فعله لذلك ثم جاء نائب السلطنة الأمير حسام الدين طرنطاى وهو على هذه الصورة فتألم وسأله عن خبره فقال له أنا إنما وصلت من بلدى بمثل هذا الملبوس الذى علىّ، وأنا أكتسبت بصحبتكم وخدمة السلطان زيادة على ما جئت به هذا الطيلسان وهذه الجبة والعمامة فإن ضمنت لى عند السلطان إعفائى من هذا الأمر الذى طلبنى بسببه وإبقائى على ما أنا عليه وإلا فلا أرجع إلى لباس هذا أبدا وأرجع إلى بلدى بهذه الحالة. فبكى الأمراء وعظموه وألبسه نائب السلطنة قماشة، وضمن له صرف الوزارة عنه واندفعت وأمن بذلك غائلة الأمير علم الدين سنجر الشجاعى فإنه كان [١] إذا ذكر أحد للوزارة أو ذكرها عمل على هلاكه.

[ولما مات قاضى القضاة زين الدين فوض السلطان]

القضاء بعده لنائبه القاضى تقى الدين محمد ابن الشيخ شمس الدين ابى بكر ابن عتيق الإخنائى [٢] .

وفيها فى عاشر شهر رمضان توفى الأمير علاء الدين أقطوان الساقى [٣] الظاهرى أحد الأمراء بدمشق بها، وصلى عليه بجامعها ودفن بالقبيبات وقد جاوز الثمانين رحمه الله تعالى.


[١] كذا فى ص. وفى ك «فإنه لما كان» .
[٢] هو محمد بن أبى بكر بن عيسى بن بدران بن رحمة الإخنائى، توفى سنة ٧٥٠ هـ كذا فى السلوك ٢/٢: ٨١٤، وحسن المحاضرة ١: ٤٦٠. وفى الدرر الكامنة ٤: ٢٧٠، والبداية والنهاية ١٤: ١٦٠، وشذرات الذهب ٦: ١٠٣، وطبقات الشافعية ٩: ٣٠٩، والوافى بالوفيات ٢: ٢٦٩، وذيول العبر ١٧٥، والدليل الشافى ٢: ٥٨٢ «توفى سنة ٧٣٢ هـ» .
[٣] النجوم الزاهرة ٩: ٢٤٢.