للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ختانه خمسين دينار وكان المشترون يمتنعون من شراء أولاد المسلمين وكانت المرأة والصبية تقول: إنها نصرانية لتشترى.

وأما مدينة إربل فأكل أهلها جميع النبات الموجود ثم أكلوا [لحاء] [١] الأشجار وقلوبها ثم أكلوا الميتة وجاءهم الموت الذريع ثم شرعوا فى الجلاء فنزح منهم جماعة من الحواضر [٢] نحو أربعمائة بيت لقصد مدينة مراغة [٣] فسقط عليهم ثلج وأصابهم برد شديد فماتوا بأجمعهم وخرجت طائفة أخرى أكثر من الأولى من البلد والسواد والفلاحين صحبة أردوا [٤] التتار فوصلوا إلى عقبة فتركهم التتار أسفل العقبة، ومنعوهم من الصعود معهم لعجزهم عن إطعامهم فماتوا بجملتهم ووصل كتاب من البلد إلى الموصل وفيه إنا اعتبرنا جملة من بقى من أهل البلد فكانوا خمسمائة بيت من خمسة عشر ألف بيت المتعينون بمن بقى نحو خمسين بيتا والباقون ضعفاء وفقراء.

وأما أهل سنجار فكان أمرهم أخف وكذلك أهل العراق خصوصا بغداد ولم يصل آمرهم إلى بيع الأولاد وأكل الميتة ومما حكى أن رجل دخل ثلاثمائة وستين قرية زرع منها ست قرى وخرب باقيها لانقطاع ماء دجلة عنها والنخل أصابه فى سنة سبع عشرة وسبعمائة برد وسقط عليه ثلج أفسد بعضه وأضعف بعضه وانقطع المطر [فى سنة ثمانى عشرة] [٥] فلم يحصل منه شئ وكان سبب هذا الغلاء أولا بمدينة سنجار وديار بكر ظهور الجراد فى سنة ست عشرة وسبعمائة فأفسد المزروعات.

واستهلت سنة سبع عشرة بغير مطر فاشتد الغلاء وتضاعف فلما هلت سنة ثمان عشرة اشتد الغلاء وعظم البلاء لقلة الأمطار وموت الفلاحين وجلاهم من البلاد لما نالهم من جور التتار وغارات كانت ببلادهم من جهة الشام والأكراد ثم ارتفع الوباء فى شهر رجب وشعبان ورمضان وقل الموت لكن الغلاء مستمر


[١] ما بين القوسين زيادة من ص، وف.
[٢] فى ك «الخواص» والمثبت من ص، وف.
[٣] مراغة بلدة عظيمة من أشهر بلاد أذربيجان، وكانت تدعى أفراز هرووذ، فعسكر بها مروان بن محمد بن مروان بن الحكم عند عوده من الغزو، وكان فيها سرجين كثير، فكانت دوابه ودواب أصحابه ترعى وتتمرغ فيها. فقال ابنوا قرية المراغة (النجوم الزاهرة ٣: ٨٤ هامش، ومعجم البلدان ٥: ١٠٩) .
[٤] أردوا التتار: فرقة من فرق الجيش، كما تطلق على القائد وعلى المعسكر. وانظر ما سبق ص ١٤٥.
[٥] ما بين القوسين من ص، وف.